بقلم: مسار – مجتمع التقنية والقانون
بتصور وتكليف من مركز إتاحة المعرفة من أجل التنمية لمشروع Fairwork، بالتعاون مع معهد أكسفورد للإنترنت ومركز برلين للعلوم الاجتماعية، وبدعم من الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)
السياق العام
صدر قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الجديد1، بديلًا عن قانون نظام التأمين الاجتماعي الشامل رقم 112 لسنة 1980 المُلغى العمل به، وقد حدد تاريخ العمل بأغلب نصوص القانون القانون بداية من يوم 1 يناير 2020، وبعد مرور عام من صدور القانون صدرت اللائحة التنفيذية للقانون2. وتضمن القانون أثنى عشر باباً، خصص الأول للتعريفات والثاني لإدارة وتمويل نظام التأمينات الاجتماعية والمعاشات، والأبواب من الثالث للسادس
اختصت بتأمين في حالات الشيخوخة والوفاة والمرض والعجز وإصابات العمل والبطالة، واختص السابع بالرعاية الصحية لأصحاب المعاشات، والثامن نظمت مواده المستحقون للمعاش، والتاسع والعاشر اختصا بأمور الخزانة العامة والأحكام العامة والمتنوعة والانتقالية، والأخير اختص بتنظيم العقوبات المقررة كجزاء لمخالفة أحكامه، كما فوض القانون في بعض مواده رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي في إصدار قرارات مكملة لما تضمنه من أحكام شروط ومنها على سبيل المثال إَضافة فئات أخرى للعاملة غير المنتظمة الخاضعة لأحكام هذا القانون
وعلى الرغم من حداثة القانون إلا أن بعض النواب تقدموا بطلبات بأكثر من مشروع قانون لتعديل بعض مواده، وفي فبراير الماضي ناقشت لجنة القوى العاملة بمجلس النواب مشروع قانون مقدم من النائب ضياء الدين داود، وموقع من ستين آخرين من النواب، والذي سبق أن تقدم به في نوفمبر من العام الماضي، وتضمن تعديل ثمانية مواد وإضافة مادة وإلغاء مادتين من مواد القانون، فضلاً عن إلغاء الجدول رقم (5) المرافق له، نظراً لما لإغفال القانون الحالي لبعض فئات العمالة غير المنتظمة في قطاعات السياحة والبناء والتشييد والصيد والمناجم والمحاجر والمحال التجارية ومحطات الوقود والمقاهي والنوادي والفنيين بقطاع السينما والدراما والمسرح3، وكذلك في ديسمبر من العام الماضي أحيل مشروع قانون آخر بتعديل بعض مواده إلى لجنة القوى العاملة، سبق أن تقدمت به النائبة سولاف درويش وكيل لجنة القوى العاملة، وموقع من ستين آخرين من النواب، إلا أن مصير هذه المشروعات ما زال مجهولاً حتى الآن
عدم خضوع الكثير من أصحاب العمل الحر للفئات التي يسري عليها قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات
صنف القانون الفئات التي تسري عليها أحكامه إلى أربع فئات هم
- العاملين لدى الغير (كل من يعمل بشكل دائم لدى الغير مثل العاملون بالقطاع الخاص)
- أصحاب الأعمال ومن في حكمهم (مثل أصحاب الشركات وأصحاب المنشآت)
- العاملين المصريين في الخارج (العمالة التي تمارس عمل خارج القطر المصري)
- العمالة غير المنتظمة (هي بعض الفئات التي تمارس عمل بشكل غير دوري مثل الباعة الجائلين أو عمال المنازل)
وحدد قانون التأمينات لكل فئة مجموعة من الضوابط والشروط لإدراج أشخاص محددين دون غيرهم تحت كل فئة من هذه الفئات، وهو ما ترتب عليه أن من لا ينطبق عليهم هذه الشروط لا يسري عليهم هذا القانون، ولا تشملهم مظلة التأمين الاجتماعي
وتثور هذه الإشكالية مع الكثيرين من أصحاب العمل الحر وذلك لكون القانون الحالي لا يسمح بإدراجهم تحت أي فئة من الفئات الأربعة سالفة البيان لعدم انطباق شروط وضوابط الفئات الأربعة عليهم
حيث أن فئة العاملين لدى الغير تشترط وجود علاقة عمل منتظمة تربط المؤمن عليه بصاحب العمل، وفسرت اللائحة التنفيذية مفهوم الانتظام بأن يكون العمل الذي يزاوله العامل يدخل بطبيعته فيما يزاوله صاحب العمل من نشاط أو كان يستغرق ستة أشهر على الأقل، وهو ما يترتب عليه عدم انطباق هذه الضوابط على أصحاب العمل الحر نظراً لعدم وجود علاقة عمل منتظمة بالمفهوم السابق، وذلك لما يتميز به العمل الحر من سرعة الأداء وارتباطه في أغلب الأحيان بمهام قصيرة الأجل لا تصل مدتها لما يجاوز ستة أشهر، كما أن مهامه في أحيان كثيرة لا تدخل في طبيعة العمل الذي يزاوله صاحب العمل بل تختلف عنها في أغلب الأحيان
وعلى الرغم من أن المشرع استثنى بعض الأشخاص على سبيل الحصر من الخضوع لهذه الشروط والضوابط ومنهم عمال المقاولات والصيد والنقل البري والشحن والتفريغ، إلا أنه أغفل التطور الجاري في طبيعة الوظائف المستحدثة وخاصة المهن التي تعمل من خلال منصات تقديم الخدمات الإلكترونية، حيث لم يدرج أصحاب العمل الحر ضمن هذه الفئات
أما عن إمكانية التعامل مع العامل الحر كصاحب عمل، فإننا نجد أن القانون يشترط حتى يتمتع أصحاب الأعمال بمظلة قانون التأمين الاجتماعي توافر أحد الشرطين في صاحب العمل لإدراجه تحت هذه الفئة، وهما: أن تنظم أنشطته قوانين خاصة، أو يلزم لمزاولة نشاطه الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة. وهو ما لا ينطبق على غالبية العمال المستقلون نظراً لكون الكثير من الأنشطة المهنية التي يؤديها أصحاب العمل الحر لم يُعرفهّا المشرع ولا توجد حتى الآن أي قوانين تنظمها
أما فئة العمالة غير المنتظمة، وهي الأقرب للعمل الحر، نجد القانون قد ذكرهم على سبيل الحصر دون غيرهم ممن يجوز إدراجهم تحت هذه الفئة، وعلى الرغم من أن بعض أصحاب العمل الحر يمكن تصنيفهم باعتبارهم صغار المشتغلين لحساب أنفسهم، كالباعة الجائلين والحرفيين وغيرهم من الفئات المماثلة وهم من الخاضعين لفئة العمالة غير المنتظمة، وتنطبق عليهم الشروط الواردة باللائحة، وهي: عدم استخدام عمال وعدم ممارسة النشاط في محل عمل ثابت له سجل تجاري، والنشاط غير خاضع لنظام الترخيص من الجهات الإدارية، إلا أن الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي ترفض إدراجهم تحت هذه الفئة
وعلى الرغم من أن القانون فوض رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي في إصدار قرارات بإدراج آخرين تحت هذه الفئة ويحدد شروط أخرى لانضمامهم إلا أنه لم يصدر حتى الآن قرار بشأن أصحاب العمل الحر، ومن الممكن حل هذه الإشكالية بصدور قرار تنظيمي يدرج بعض فئات العمل الحر تحت بند العمالة الغير منتظمة، ولكنه يظل علاجًا مؤقتًا يحتاج إلى تدخل جذري لإعادة تعريف مفهوم العمل الحر، وأن تحدد ضوابط وشروط التمتع بالحماية التأمينية وفقًا لمعايير عامة وليس بتسمية الفئات والمهن على سبيل الحصر
- صدر القانون رقم 148 لسنة 2019، بشأن ”إصدار قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات“ ونشر في العدد 33 مكرر (أ) من الجريدة الرسمية في 19 أغسطس 2019 قرار
- رئيس مجلس الوزراء رقم 2437 لسنة 2021 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون التأمينات والمعاشات، المنشور بالجريدة الرسمية العدد 5 مكرر (ب) بتاريخ 7 فبراير 2020
- خبر منشور على بوابة موقع الدستور الإخباري بعنوان “ «الخدمات النقابية» تدعو القيادات العمالية للتضامن مع مشروع تعديل قانون التأمينات ” بتاريخ 5 فبراير 2022، تاريخ آخر زيارة 21 أغسطس 2022.